هل تقوم بتكرار طباع والديك؟

هل تقوم بتكرار طباع والديك؟

الطرق الثلاث الأساسية التي نتأثر بها  بصفات  والدينا  كبالغين.

الأفكار الرئيسية:

-قد يتأثر الأشخاص بصفات والديهم من خلال تكرار أساليبهم بشكل مباشر أو من خلال رد الفعل أو المبالغة في رد الفعل تجاه تلك الأساليب.

-قد يعيد الناس تكوين المناخ العاطفي الذي كان سائداً في بيئتهم المبكرة، و غالبا ما تتم هذه العملية بغير وعي.

-يمكن أن يساعد إدراك و فهم الأنماط المقيِّدة من السلوك الناس في التغلب عليها.

قد لا تبدو الأسباب التي تجعلنا نتصرف مثل والدينا بمثابة لغزٍ كبير. بغض النظر عن ارتباطنا الجيني بهم، فإننا و من اللحظة التي نفتح فيها أعيننا نكتسب وجهة نظر والدينا و كيفية عيشنا للحياة. لا يحكم هذا علينا بأن نكون نُسَخاً طبق الأصل من الأشخاص الذين قاموا بتربيتنا، إلا أننا نرث مجموعة معقدة من الدروس المرئية و غير المرئية و التي تؤثر على حياتنا بجميع أنواع الطرق التي قد لا نتوقعها.

يتصارع الكثير منا مع العبثية في جذب و نبذ سمات والدينا داخل أنفسنا. غالبا ما يتم تبني السمات الإيجابية و إنكار السلبية منها بعد بذل جهد كبير. لا تكون هذه السمات جليّةً دائما، و غالبا ما تأتي من وجهات نظر غير ظاهرة قمنا باكتسابها. تساعدنا السمات الايجابية على توجيهنا نحو الطريق الصحيح في حياتنا، كما يمكن أن تدفعنا السمات السلبية، و كل من تكرارها أو مقاومتنا لها، بعيدا عن أهدافنا الشخصية و عما يعبر عن هويتنا.

لا يُكوِّن معظمنا ذواتاً متمايزة تماماً عندما نكبر، و هذا لأننا، كأطفال، نكتسب أفكارنا و أنماط سلوكنا من بيئتنا المبكرة. إنّ فشلنا في تحديد و فهم و فصل بعض التراكبات في شخصيتنا يمكن أن يؤدي بنا إلى العيش في الماضي بدلاً من الحاضر. إنَ أحد الأسئلة المهمة التي يمكن أن نبحث بها هو “إلى أي درجة نخضع لما يمليه علينا ماضينا؟”.

لا يعني هذا أن والدينا قصدوا أي ضرر لنا، أو أنهم قصدوا التأثير في كل جانب من جوانبنا. ليس الهدف من معرفة كيفية تأثيرهم على سلوكنا إلقاء اللوم عليهم أو التورط بشكل دائم في العيش في الماضي، بل إن الهدف من ذلك هو تحرير أنفسنا من التراكبات المخيمة على شخصيتنا و التي لا تعكس الجوانب الحقيقية و الفعلية لنا. يساعدنا هذا في فهم أفعالنا و ردود أفعالنا و التحقق عما إذا كانت تتوافق مع أهدافنا الشخصية أم لا.

يمكن أن يؤدي الانقسام الذي نشعر به داخل أنفسنا بين من نحن حقا عليه و “الأصوات” التي يتردد صداها عن ماضينا إلى التصرف بأساليب و طرق لا نحبها أو قول أشياء لا نعنيها. من المرجح أن ننخرط في هذه السلوكيات التفاعلية في أوقات التوتر و في المواقف التي تثير المشاعر المؤلمة و التي تعود إلى ماضينا. لقد فشلنا في هذه الفترة في إدراك أن الكثير مما نشهده على المستوى العاطفي يعتمد على التوقعات و المشاعر القديمة التي تعود إلى طفولتنا.

الوالدان  بشر، و البشر ليسوا كاملين. غالبا، و لسوء الحظ، عندما يكون الوالدين في أسوأ حالاتهم، أي في اللحظات التي يفقدون فيها السيطرة على أنفسهم أو يفشلون في الاستجابة لحاجة ما، يكون لديهم تأثير قوي في تكوين المواقف السلبية لأطفالهم تجاه أنفسهم  و الآخرين، و هذا لأن الإنسان بشكل عام  يتذكر ما يزعجه أو يخيفه بشكل أقوى من غيرها من الذكريات.

يمكن أن نبدأ باعتماد و تطبيق وجهة نظر والدينا في الحياة على أنها وجهة نظرنا، و هذا لأننا نميل إلى تبني وجهة النظر هذه في المرحلة المبكرة من حياتنا. على سبيل المثال، قد نكون قاسيين و انتقاديين تجاه أنفسنا أو مريبين أو غير موثوقينن في علاقاتنا مع الآخرين، لأنه والدينا كانا يعانيان من ذلك. قد نتعامل في حياتنا مع مخاوف والدينا أو قلقهم أو احباطاتهم في الحياة، و لاسيما في أوطد و أقرب علاقاتنا.

ثلاثة طرق يؤثر بها الوالدان  على أطفالهم البالغين:

الطريقة الأولى من خلال تكرار طريقة والدينا في العيش بشكل مباشر. على سبيل المثال، إذا كانوا متحكمين أو عصبيين أو متفاعلين أو انطوائيين، فقد نحمل هذه الصفات جيدا و نبرزها في حياتنا.

الطريقة الثانية هي من خلال رد فعلنا على سماتهم (أو بالأحرى المبالغة في رد الفعل). ربما رأينا مرَّةً والدتنا متوترة و تتصرف بتسلط و غطرسة، فقمنا بإبداء رد فعل مفرط الحساسية تجاهها. ربما شعرنا أن والدنا كان رافضا أو غير مهتم لأمر ما، فكان رد فعلنا أنْ ضغطنا على أنفسنا في سبيل تحقيق هذا الأمر، فينطبع في أذهاننا هنا أننا نحتاج إلى المبالغة في السعي لكي نحصل على اهتمام و موافقة الأشخاص.

الطريقة الثالثة هي من خلال إعادة تكوين المناخ العاطفي الذي كان سائداً في بيئتنا المبكرة. غالبا ما يتم ذلك بشكل لا شعوري تماما، وبالتالي يكون من الصعب إدراكه أو التماسه، لكننا قد ننخرط في سلوكيات تؤدي بنا إلى تنفيذ سيناريوهات قديمة و مألوفة. على سبيل المثال، قد نحث شريكنا على معاملتنا بالطرق التي عامَلَنا بها والدينا أو لقول أشياء اعتاد والدسنا  على قولها لنا. قد نتصرف بطريقة طفولية مع أطفالنا، و نرى أنهم يتمتعون بسلطة علينا، مما قد يعكس شعورنا عندما كنا أطفالاً.

إن الفضول و التعاطف هما أفضل ما يمكن التعامل به عند الحاجة إلى تمييز السمات التي لم تعد تخدمنا في حياتنا، نكون صعبين مع أنفسنا في كثير من الأحيان في استعراض سماتنا بصدق، يجب علينا أن نسمح لأنفسنا باكتشاف مصدر هذه السمات و الأنماط من السلوك.

إن الهدية التي يقدمها لنا اعترافنا بوجود نقص بتمييز السمات في أنفسنا هي أنه بمجرد أن ندرك ذلك يصبح بإمكاننا البدء في تغيير الأشياء التي لا نشعر بأنها انعكاس صادق لمن نحن عليه أو لما نريده في الحياة. يصبح بإمكاننا التعرف على بعض الهجمات الذاتية على أنها ظلال لماضينا بدلاً من أنها انعكاسات حقيقية لمن نحن عليه الآن. بالنهاية، يمكننا التخلص من عاداتنا القديمة و أن نخلق و نطور طرق جديدة للعيش تقربنا أكثر مما نريد أن نكون عليه و من الحياة التي نريد أن نحياها.

قد يعجبك ايضا
فتح الدردشة
1
💬 تحتاج الى مساعدة ؟
مرحبا بك في مركز ولبينق👋
كيف يمكننا مساعدتك ؟