ما هي “الايجابية السامة”؟
من الجيد أن تكون متفائلاً، لكن ضمن الحدود المعقولة.
يمكن أن تبدو عبارة “الايجابية السامة ” محيرة في البداية: أليس من المفترض أن تكون “الايجابية” شيء ايجابي؟ أيا يكن، يمكن للايجابية أن تصبح أمراً ضاراً عند المبالغة بها تماماً مثل أي شيء جيد وصحي (كالركض) يمكن أن يصبح ضارا عند المبالغة فيه.
تصبح الايجابية ضارةً عند المبالغة بها، و تجردنا من الدافع لإجراء تغييرات صحية يدفعنا الوعي بالواقع السلبي غير المريح إلى القيام بها. كمثال على ذلك، قد يعود الشخص المصاب بإيجابية سامة مراراً و تكراراً إلى علاقة مسيئة له، تجدهم يقولون ” أريد التركيز فقط على جوانبه الايجابية، أتمنى أن يتغير” أو قد يدفعون فواتير باهظة الثمن لأشياء غير ذات قيمة لأنهم “يبقون ايجابيين” في توقعاتهم للأرباح المستقبلية المتعلقة بها.
ماذا الذي عليك فعله إذا كان شخص ما في حياتك غارقاً في الايجابية السامة؟
إن شعرت أن شخصاً ما في حياتك ينزلق نحو الايجابية السامة لدرجة إنكار و تجاهل معلومات مهمة كالسماح للآخرين بإساءة معاملته أو قيامهم بغيرها من سلوكيات التخريب الذاتي، فيمكنك مشاركة وجهة نظرك معه من خلال إخباره أنك قلق بأن ايجابيته قد تصل إلى درجة الإنكار. كن لطيفاً، و أكِّد على أنك تذكر هذا فقط لأنك تهتم به و أنك تشعر بالقلق من أنه قد يعرض نفسه للشعور بالألم إذا لم يبدِ علامات معينة دالةٍ عند الانزعاج من أمر ما.
حاول أن يكون لديك ثلاثة أمثلة على الأقل لمشاركتها معه، لأنك سوف تطرح عليه موضوع يوجد في “النقطة العمياء” الخاصة به. سيساعدك طرح الأمثلة في ضمان أنك في الواقع تنتقل إلى الحديث عن حقيقة واقعية، بدلاً من مجرد إلقاء نظرة خاطفة على لحظة واحدة من حياة هذا الشخص و وصفها بأنها ايجابية بشكل سام. تتوقف الايجابية السامة على نقص الوعي بالمعلومات السلبية، و يمكن أن تكون الأمثلة وسيلة مفيدة و ملموسة لزيادة الوعي بهذه المعلومات. قد يكون من المفيد أيضا إثارة الموضوع عندما يكون الشخص يواجه نوعاً من العواقب المترتبة على ايجابيته السامة، نظراً لأنه يكون أكثر انفتاحاً على النظر في إجراء تغييرات(مثلا عندما يتخلى عنهم أو يتجاهلهم أصدقائهم الحميميين مرات عديدة، يمكنك سماعهم و التعاطف معهم و استغراق بعض الوقت في مشاركة مخاوفك من أنه قد يكون حان الوقت لإعادة النظر فيما إذا كان هذا الصديق جيداً أم لا، و ذلك باستخدام بعض الأمثلة من سلوكه السابق).
مع ذلك، يجب أن نتذكر أنها في النهاية حياتهم و أنهم من سيعيشونها. لو أبدوا ردة فعل على أنهم منزعجين و غاضبين، فمن الأفضل عادةً تأكيدك على أنهم بالطبع يعرفون حياتهم بشكل أفضل، و أن تعدهم بالتراجع عن الدفع بأفكارك الخاصة تجاههم. من جهة أخرى، لستَ مضطرا لأن تبقى عالقا في تحمل تبعات ايجابيتهم المفرطة. هم يبحثون عمن يواسيهم للمرة المائة : “لا أصدق أنه تخلى عني مجدداً”. يمكنك أن تقول “أنا آسف جد لحدوث هذا، و أنت تعرف رأيي حول هذا الموضوع، أعتقد بأنك تستحق أفضل من هذا ، و أنا أكره أن أراك تعاني، لست متأكدا من أنني أفضل من بإمكانه أن يشجعك على تعلم كيفية تحمل ذلك لأن رأيي الشخصي هو أن هذا ليس خياراً صحيا لك. لكن بالطبع، أتفهم أنك بحاجة للقيام بكل ما هو أفضل من أجلك”.
ماذا لو كنت أنت ايجابياً بشكلٍ سام؟
إذا علمت أن لديك ميلا نحو الايجابية السامة، ففكر في أن تطلب من صديق أو معالج موثوق به مساعدتك في فهم المشكلة الأساسية. على سبيل المثال:
-هل أنت خائف من أمرٍ ما؟
-هل تفتقر إلى الثقة في مهارات حل المشاكل لديك؟
-هل لديك اعتقاد بأن بعض المشاعر مثل الغضب هي مشاعر “سيئة” بدلاً من إدراك أن الغضب غالبا ما يكون مؤشرا صحيا على إدراكنا بأن شخصا ما قد يقوم بانتهاك حدودنا؟
سيساعدك فهم سبب قيامك بذلك على تنمية المهارات التي تحتاجها للقيام بالتغيير. اطلب أيضا من معالجك (إن كان لديك) أو من أصدقاء تثق بهم أن يتمكنوا من تنبيهك عندما يشعرون أنك ايجابي بشكل مفرط، لأن الحصول على ردود الأفعال هذه في وقتها يكون مفيداً عند التعامل مع المواضيع الكامنة في النقاط العمياء. و كما تم التوضيح في القسم السابق عن كيفية مساعدة صديق يعاني من الايجابية السامة، غاليا ما يتردد الأصدقاء في ذكر هذه الأنماط من السلوك للآخرين، نظراً لأن العديد من الأشخاص يشعرون بالخوف من الإيحاء لهم بأنهم “يفتقدون لشيء ما”.دع الأشخاص الآخرين في حياتك يعرفون أنك على دراية بهذا النمط من السلوك و أنك ترغب بتلقي ملاحظاتهم.
يمكن أن تكون أيضا كتابة اليوميات طريقة رائعة لتكوين الوعي بالأشياء التي لم نكن نلقي لها بالاً. سيساعدك إجبار نفسك على كتابة يومياتك كل يوم لمدة خمس دقائق على الأقل على دفعك نحو تسجيل كل ما هو جيد و سيئ في حياتك. على سبيل المثال، إذا كنت الشخص الذي يتسم بالايجابية السامة تجاه صديقه، فإن رؤية دفتر ملاحظات مليء بالأمثلة عن الأوقات التي هجرك فيها أو أساء معاملتك فيها بطريقة ما أو بأخرى سيجعل من الصعب عليك إنكار أو نسيان تلك المواقف.
