هل يزعجك ما يُشعرك به الآخرون؟

هل يزعجك ما يُشعرك به الآخرون؟

هل يزعجك ما يُشعرك به الآخرون؟

-هل يدفعك بعض الأشخاص إلى الشعور بالذنب؟ الغضب؟ الخوف؟ الخجل؟ لو كان يحدث ذلك، فإنك تمنحهم السيطرة الكاملة على الجهاز العصبي الخاص بك، و لربما كنت تقوم بذلك طوال حياتك دون أن تدرك أنك لست مضطراً له. سيمنحك فهم كيفية منحك للأشخاص الإذن بالولوج إلى و السيطرة على جهازك العصبي القدرة على إيقافهم عن ذلك -لو كان هذا خيارك.

كيف يدخل الآخرون إلى جهازك العصبي

-يبدي الجهاز العصبي ردود أفعال تجاه المشاعر التي يتعرض لها الشخص بالعديد من الأشكال المختلفة، حيث إن التوتر العضلي، الألم-بمختلف أشكاله-، الشعور بالتحفيز، النشاط، الشعور بالثقل و الوهن، و ما إلى ذلك، ليست سوى بعض تلك الأشكال. يفسر عقلك هذه الأحاسيس و المشاعر فيما بعد بناءً على ردود الأفعال تلك، و شدتها، و الإثارة الناتجة عنها بالإضافة إلى التجارب الماضية مع هذه المشاعر. إذاً، كيف يجعلك الآخرون تشعر بشيءٍ معين؟ و كيف يلجون إلى جهازك العصبي؟ لننظر في المثال التالي، حيث “جعلت” إيما شقيقتها شانون “تشعر بالذنب”:
إيما: إلى أين أنتِ ذاهبة؟
شانون: خارجةٌ لأتسكع قليلاً مع أصدقائي.
إيما: و ماذا عن والدنا؟
شانون: لا أعلم.
إيما: لم تفكري بشأنه حتى؟
شانون: ليس في الوقت الحالي.
إيما: ألا تحبينه؟
شانون: بالطبع أنا أحبه.
إيما: لكنك لا تظهرين ذلك الحب.

-شعرت بعد ذلك شانون بالذنب الشديد من فكرة أن والدها لا يشعر بأنها تحبه، لدرجة أن أمسيتها مع أصدقائها قد انتكست. كانت تفكر مليّاً في كيفية تعويض والدها، و لم تستطع التخلص من الصور التي كانت تتبادر إلى ذهنها عن تركها لوالدها وحيداً في المنزل بينما هي تتسكع خارجاً مع أصدقائها. بالنتيجة، سيطرت إيما على الجهاز العصبي لشانون لبقية تلك الليلة باستخدام بعض الكلمات البسيطة فقط. كيف يحدث هذا الأمر؟

الإسقاط

الإسقاط النفسي هو أن يعبر الناس عن مشاعرهم أو تصوراتهم أو توقعاتهم المسبقة عن الآخرين، مما يتسبب عادةً في أن يشعُر الشخص المستهدف بالمشاعر التي أُسقطت عليه، و تتم هذه العملية خارج حدود الإدراك و الوعي. في المثال الذي طُرح أعلاه، تعبِّر إيما عن تصورها أو توقعها أن والدها بحاجة دائمة إلى العناية و الاهتمام من بناته، و أن أختها شانون تقدم حباً أقل من الذي تقدمه هي لوالدها. تقوم إيما بهذا فقط من خلال طرح الأسئلة!! و تشعر شانون في النهاية بالذنب على الرغم من أنها لم تفعل شيئاً خاطئاً و لم تتصرف بطريقة خاطئة.

-استطاعت إيما أن تسيطر مؤقتاً على جهاز شانون العصبي و جعلها تشعر بالذنب. هل تستطيع شانون منع الولوج إلى جهازها العصبي و التحكم به من خلال أختها أو أي أحدٍ آخر؟ و كيف يتم ذلك؟

دليلك لحماية جهازك العصبي من الآخرين

-الخطوة الأولى: التعرف إلى سلوك الإسقاط و تحديده.
إن الخطوة الأولى لحماية جهازك العصبي هي أن تقوم بتحديد المصادر الخارجية للأذى و الضرر (مشاعر الآخرين التي يسقطونها عليك فتقوم بدورها بتحفيز و استفزاز جهازك العصبي). سيسمح لك الوعي بذاتك و فهمها جيداً بتحديد ما يرادوك من مشاعر ليست مبنية على اعتقاداتك أو توقعاتك أو أفكارك(كأن تشعر بالذنب على الرغم من أنك لم تفعل شيئاً خاطئاً). في المثال الذي طُرح أعلاه، لا تعتقد شانون أنها فعلت شيئاً ما خاطئاً، لم تكن تعتقد أن والدها بحاجة مستمرة للرعاية و الاهتمام، مما يشير إلى أن شعور الذنب الذي راود شانون في تلك الليلة لم ينشأ في داخلها، لأنها أساساً لم تكن تعتقد أن والدها بحاجتها آنذاك، بل هو شعورٌ مُسقَطٌ عليها من قبل أختها إيما.

-الخطوة الثانية: إما أن تتبنى و تستوعب المشاعر المسقَطة عليك، أو أن ترفضها و تتجاهلها.
حالما تقوم بتحديد الشعور المسقَط عليك من قبل أحدهم، فإنك تصبح أمام خيارين، إما أن تتبناه و تتعامل معه على أنه شعور منبثق من داخلك، أو أن تتجاهله و تتعامل معه على أنه شعور الطرف الآخر و ليس شعورك أنت. نعرض في المثال التالي المحادثة التي جرت بين (دارين) و (ويلسون) بعد أن حدث حادث سير بينهما:
دارين: ألم ترى أنني كنت أرجع إلى الخلف؟
ويلسون: لا، لم أركِ.
دارين: لماذا لم تكن منتبها لذلك؟
تُسقط هنا دارين بشكل واضح مشاعر الذنب و المسؤولية عن الحادث على (ويلسون) (علماً بأنه قد لا يقبل القانون بذلك). بدأ ويلسون بطبيعة الحال بالشعور بالذنب، فقط لأنه كان موضع اتهام، فسمح ويلسون بذلك لدارين بالولوج إلى جهازه العصبي و التحكم به، و بالتالي قام بتبني تلك المشاعر و أصبح يتعامل معها على أنها متولدةٌ أساساً في ذاته، ليس على أنها مسقَطة عليه من قبل دارين. يتابع قوله: أنا متأسف للغاية، كنت أعتقد أنني منتبهٌ، و لكن من الواضح أنني تغافلت عنكِ.

– سيؤدي هذا على الأرجح إلى شعور ويلسون بالذنب و المسؤولية عن الحادث الذي لم يتسبب به أصلاً. بدلاً من ذلك، كان يستطيع أن يمنع دارين من الولوج إلى جهازه العصبي و رفضِ و إهمالِ المشاعر المسقَطة عليه، حيث ستكون ردة فعله تجاه دارين في هذه الحالة على شكل “لماذا تلومينني على هذا الحادث بينما أنتِ من ترجعين إلى الوراء في ظل هذا الازدحام الشديد؟”

– في هذه الحالة، لن يشعر ويلسون بالذنب، لأنه لم يقترف أي خطأ، قد يشعر بالغضب من فكرة أن دارين قامت بإلحاق الضرر بسيارته و تقوم رغم ذلك بإلقاء اللوم عليه. يعد شعور الغضب هذا متولداً في ذات ويلسون، ز ليس شعوراً مسقطاً عليه.

– لا يدرك معظم الأفراد أن لديهم الخيار بأن يتقبلوا و يتبنوا المشاعر المسقطة عليهم أو أن يرفضوها و يتجاهلوها، و يسمحون بشكل سلبي للأشخاص بالولوج إلى أجهزتهم العصبية و التحكم بها.

– في بعض الحالات، قد تختار أنت بنفسك أن تتقبل أو تستوعب أو تتبنى المشاعر المسقطة عليك. على سبيل المثال، لو أسقط أحد ما شعوراً عليك يتناسب مع معتقداتك و توقعاتك و أفكارك فتجده ملائماً و مناسب، فإنك تتبنى هذا الشعور بشكل طبيعي. يشير الأهل المتميزون و الجيدون في مهارات الأمومة و الأبوة إلى أطفالهم و يثنون عليهم عندما يفعلون شيئاً ما إيجابياً أو مثمراً، و يخبرونهم أنهم فخورين بهم (و لكن يجب أن يكون ذلك باعتدال، كي لا يسلك الأمر طريقاً آخر و يصاب الطفل بالكبر و العظَمة-أحد أنواع النرجسية)، فلو اقتنع الطفل بأنه فعل شيئاً ما يدعو إلى الفخر، سيقبل تلك المشاعر المسقَطة عليه و سيتعامل معها على أنها متولدة أساساً في ذاته.

– أصبحتَ تملك الآن أداةً تتيح لك الاختيار بنفسك. باتباع الخطوتين المشروحتين أعلاه، فتستطيع اختيار رفض و تجاهل المشاعر المسقَطة عليك و التي لا تتماشي مع توقعاتك و تصوراتك و سلوكياتك في المواقف التي تعرضت لها (كالمثال الذي طرحناه عن حادث السير). حالما تبدأ بالتمرن على استخدام هذه الأداة، ستصبح أكثر مرونة في عملية التفريق ما بين المشاعر المسقَطة عليك من قبل الآخرين، و تلك المتولدة في ذاتك أساساً.

قد يعجبك ايضا
فتح الدردشة
1
💬 تحتاج الى مساعدة ؟
مرحبا بك في مركز ولبينق👋
كيف يمكننا مساعدتك ؟