الأفكار الرئيسية:
-ليس من دورنا في أي علاقة صداقة أن نطالب الطرف الآخر بمسافة اجتماعية خاصة بنا.
-يمكن أن تنتهي بنا المبالغة من طلب هذه المسافة من أصدقائنا إلى إبعادهم عنا
-تخلص من المعتقدات الراسخة حول مفهوم الصداقة و التي تملي على الصديق كيف يجب أن يتصرف.
سألتُ (أليكس) في الصباح التالي و بينما كنت أرافقه إلى حافلة المدرسة “هل تذكر عندما حاولَتْ (كلو) اللعب معك أنت و (كريس) خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضية؟ ماذا حدث عندما رفضتم اللعب معها؟ ما الذي فعلَتْه آنذاك؟”، أجاب قائلاً “استمرت بمحاولة اللعب معنا”، سألته “كيف شعرتُم حيال ذلك؟” أجاب “لم نرغب باللعب معها، و خاصة عندما استمرت بطلب ذلك منا”، قلت له” هذا صحيح، هذا هو بالتحديد ما يشعر به مجموعة من الأطفال عندما تستمر بالطلب منهم أن تلعب معهم في حين أنهم لا يرغبون بذلك” توقّف و نظر إليّ.
تغيير قواعد اللعب
استأنفت حديثي قائلاً” لو قمت بتجاهلهم، فإنهم قد يرغبون بعد بضعة أيام أو أسبوع باللعب معك مجدداً. حتى لو لم يرغبوا بذلك، بإمكانك إيجاد مجموعة أخرى من الأطفال لتلعب معهم أو بإمكانك قراءة كتاب ما لنفسك.”، قال منبهراً ” هذا تماما ما حدث مع(كلو)، عندما يأسَتْ من محاولاتها للعب معنا و تجاهلتنا و صعدت للطابق العلوي مساء السبت، أردنا صباح يوم الأحد بشدة أن نلعب معها”. أكدتُ بالقول” هكذا يتصرف الأشخاص، يرغبون أحياناً باللعب معك و في أحيانٍ أخرى لا يرغبون بذلك. بإمكانك أن تقرر أن تلعب مع الأطفال الذين يُظهرون لك رغبتهم في اللعب معك بدلاً من محاولتك الدائمة للعب مع نفس الأطفال الذين لا يُظهرون لك تلك الرغبة. بإمكانك تجاهل الأطفال الآخرين إلى أن يرغبوا في اللعب معك مجدداً.”، تسائَلَ قائلاً” و ماذا لو لم يرغبوا أبدا باللعب معي؟” أجبت ” إذاً هم لم يكونوا أصدقائك يوماً ما. بإمكانك أن تحفظ طاقتك لتستعملها باللعب مع أطفال يريدون بالفعل أن يصبحوا أصدقائك و أن تترك أولئك الأطفال بمفردهم. عندما تحاول أن تكون صديقا لأحد ما لا يرغب بك كصديق فإنك تهدر وقتك الذي بإمكانك أن تمضيه مع شخص آخر يرغب بأن يصبح صديقك. بالإضافة إلى ذلك، بإمكانك دائما اللعب مع أمك و كلو و معي أنا، سنرغب على الدوام بأن نكون أصدقائك و أن نقدم لك الحب.”
الأمر ليس أفضل بالنسبة للبالغين
لا يبدو أن حدة ما كان يمر به (أليكس) في المدرسة بعيدة كل البعد عما نمر به نحن حالياً كبالغين. لم يكن عالمنا بهذه القطبية قط، حيث أنه في أوقات الأزمات غالبا ما يزداد القلق و يتحول إلى اكتئاب، مما يعزز من حاجتنا إلى الانتماء إلى الآخرين.
بالنظر إلى هذه الحاجة المتزايدة لتطوير علاقات مرضية و إلى التحديات التي نواجهها في محاولة تلبية هذه الحاجة-التي خلقت مستويات غير مسبوقة من الوحدة- ما الذي يمكننا فعله للحفاظ على صحتنا العقلية؟
تخلَّ عن مفاهيمك المسبقة المرتبطة بالصداقة
تتمثل إحدى الطرق لتخطي هذه العوائق بيننا و بين الآخرين بأن نكون متعاطفين مع ما يمر به الشخص الآخر و أن نمنحه الوقت و الراحة في ذلك. نقوم بدفع أي صديق بعيداً عنا عندما نصر عليه بأن يتصرف بطريقة معينة أو بأن يحافظ على درجة معينة من التقارب في حين أنه بالواقع بحاجة بعض المساحة الخاصة به. بدلاً من أن نقوم بذلك، بإمكاننا أن نتخيل حياتنا الاجتماعية على أنها مسرح، بإمكان أي صديق لنا الدخول إليه أو الخروج منه كما يحلو له.
ليس دورنا في علاقة الصداقة أن نطالب بمسافة اجتماعية خاصة بنا، بل أن نرحب بكل الحب و العطف و الدفء و التقبل بهؤلاء الذين يصعدون إلى مسرحنا. أما بالنسبة لأولئك الذين يرغبون بمغادرة مسرحنا لفترة معينة أو للأبد، فبإمكاننا أن نختار تقدير الوقت الذي كانوا متواجدون فيه في حياتنا.
بإمكاننا اتخاذ قرارٍ بالتخلص من تصورنا الراسخ لكيفية سير علاقة الصداقة و الذي يحدد كيف يجب على الصديق أن يتصرف. بإمكاننا أن ندرك أن هذه العقليات و طرق التفكير قد تأثرت بتصورنا للمسافة الاجتماعية التي نستحق بنظرنا الحصول عليها مع كل من الأصدقاء و أفراد العائلة و أي فرد من بيئتنا الاجتماعية.
لماذا نتمسك بمستوىً معين مرغوب من التقارب في أي علاقة محددة إلى أن يصبح أمرا متوقعاً في كل علاقاتنا الاجتماعية؟ نقوم بذلك لكي نبقي أنفسنا بعيدين عن الشعور بالوحدة، و خصوصاً في الأوقات الصعبة المليئة بالتحديات.