لماذا نشعر أحياناً بأننا مذنبون دون معرفة السبب وراء ذلك؟
الأفكار الرئيسية:
-عادة ما يشعر الأشخاص بأنهم مذنبين، لكنهم لا يستطيعون تحديد ماهية الخطأ الذي يشعرون بأنهم قد ارتكبوه.
-الحسد هو رغبة شخص ما بشيء يملكه شخص آخر.
-إذا كان شخص ما موضع حسد، فإنه لمن المفيد التفكير فيما إذا كان قد فعل شيئاً لإيذاء شخصٍ آخر.
تشعر أحياناً بأنك مذنب لكنك لا تمتلك أدنى فكرة عن السبب وراء ذلك. في كثير من الأحيان، يكمن مصدر الشعور بالذنب في الأعماق، هذا بغض النظر عن المسببات الواضحة لهذا الشعور كجرح مشاعر أحدهم مثلاً. كثير ما أسمع خلال عملي كمحلل نفسي المرضى يقولون” أنا فقط أشعر بذنب كبير”، لكنهم لا يزالون غير قادرين على تحديد ما إذا ارتكبوا أي خطأٍ أم لا. إن أحد التفسيرات لشعورهم هذا هو أنهم قد أصبحوا موضع حسد أحد ما.
ما الذي يعنيه أن تكون موضع حسد أحد ما؟ تأمل هذا السيناريو: تشعر بالذنب تجاه صديق طفولتك -كما لو أنك فعلت له شيئاً سيئاً، لكنك بالفعل لم تقم بذلك إلى الآن- فيتبادر شيء واحد إلى ذهنك عندما تتساءل” ما الذي يشعرني بالذنب تجاهه؟” و هو أنك تملك شيئا لا يملكه هو.
ما هو الحسد؟
يستخدم العديد من الأشخاص تعبير “الحسد” كمرادف لتعبير “الغيرة”. أيا يكن، ليس هذان التعبيران متشابهان للغاية. وفقاً ل(ميريام ويبستر)، فإن الغيرة هي أن تقلق من أن يأخذ شخص ما شيء تملكه، أما الحسد فهو أن ترغب بالحصول على ما يملكه شخص آخر. وصفت المحللة النفسية (ميلاني كلين) الحسد بأنه شعور بأن أحداث و مجريات الحياة ما هي إلا عبارة عن لعبة محصلتها الصفر- إذا كان لدى شخص ما شيئا تحسده عليه، فإنك تشعر بأنه قد امتلك هذا الشيء على حسابك و أن حظه الجيد هو من حقك أنت.
لماذا قد يحسدني أحد ما؟
إنه لمن الصعب بالنسبة للعديد من الأشخاص الاعتقاد بأنهم موضع حسد أحد ما، حيث يولد هذا لديهم شعوراً بعدم الراحة. إن الجمال، الحظ الجيد،السعادة، الشهرة و النجاح هي أشياء قد تستحضر الحسد لدى الأصدقاء و العائلة، حتى أنهم قد يتمنون أحيانا بأن تفقد حظك الجيد في الحياة. قد يخلق لديك كونك موضع حسد أحدٍ ما شعوراً بعدم الراحة أو بأنك قد فعلت شيئاً ما خاطئاً، لكنك لا تستطيع تحديد ماهيته.
أمثلة على الشعور بالذنب نتيجة التعرض للحسد
في شهر يناير من العام 2021، و عندما كان التحصُّل على اللقاحات أكثر صعوبة، كانت مريضتي (مولي) محظوظة بوجود كمية فائضة من الجرعات غير المستخدمة في صيدليتها المحلية، كانت سعيدة للغاية بذلك. قامت (مولي) بمشاركة هذا الخبر السار مع صديقتها التي تعاني بالأصل من حالة طبية كامنة لديها و ما كان رد فعلها إلا أنْ اتهمت (مولي) ب “سرقة” اللقاحات من الأشخاص الذين هم بأمس الحاجة إليها. شعرت (مولي) نتيجة ذلك بذنب فظيع و بدأت بالتخمين عما إذا كانت قد ارتكبت خطأً بقبولها اللقاحات.
ذكرت (ستاسيا)، و هي مريضة أخرى لدي، أنه قد راودتها بشكل متكرر أحلام تقوم فيها بقتل أحد مجهول، و أنه من ثم كانت تستيقظ شاعرةً بالذنب و الندم الشديدين. استذكرت (ستاسيا)عند التفكير في هذه الأحلام مشاعر الحب العظيمة التي كانا والديها يقدمانها لها في حين أنهما عادة ما كانا يقارنان أخاها الأكبر بها بشكل سلبي. أدت هذه المقارنة إلى حسْدِ أخاها لها و هذا بدوره جعلها تشعر بالذنب بسبب إشادة و مدح والديها بشكل متكرر لها. توصلنا الآن إلى فهم أن أحلام (ستاسيا) ب”قتل” شخص ما تتمثل في الإطاحة به في مسابقة -المسابقة هنا هي للتحصل على حب الوالدين.
ما الذي عليك فعله عندما تكون موضع حسد أحد ما؟
قد يكون مؤلماً و مربكاً للغاية أن تكون موضع حسد أحد ما و يمكن أن يولد هذا شعوراً بالذنب لديك. لو كنت تعتقد بأن هذا هو ما يحصل لك، فيجب عليك أن تفكر بالتالي:
-هل قمت بفعل أي شيء لإيذاء أي شخص؟
– إذا كان جوابك هو لا، فهل يمكن أن يكون السبب وراء حسدِ هذا الشخص لك شيء أنت تملكه أو بعض المميزات فيك كشخص؟
-بإمكانك أن تحتفي بصفاتك الحسنة أو حظك الجيد أو نجاحاتك حيث أنك لا تؤذي أحدا بالقيام بذلك.
-استثمر في الصداقات و العلاقات التي يكون فيها اعتراف متبادل بين الطرفين بالحظ الجيد.
تذكر، قد تشعر أحياناً بالذنب دون أدنى سبب وجيه لذلك، كما أن مشاركة التجربة التي نمر بها مع معالج أو صديق موثوق، أو كتابتها في اليوميات قد تساعدنا على تمييز و فرز ردود الأفعال اللاعقلانية التي نتعرض لها.